Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

، من مآززق الفكر الماركسي: مناقشة لبعض أفكار جون مولينو، بقلم د.خليفة عدالات.

24 Mars 2024 , Rédigé par Recherches en Sociologie et sciences humaines.tn.kh.A Publié dans #politique

من موقع الحوار المتمدن العدد: 6555. بتاريخ 5/5/2020

ما هو التراث الماركسي الحقيقي؟ بقلم المفكر البريطاني جون مولينو

1- مقدمة
يقدم هذا الكراس والذي كتبه المفكر الماركسي البريطاني جون مولينو في منتصف الثمانينات تمييزاً لما يعتبره المؤلف التراث الحقيقي للماركسية عن المدارس الثلاث التي هيمنت على اليسار العالمي لعقود وهي الستالينية، والاشتراكية الديمقراطية الكاوتسكية، والتحرر الوطني في العالم الثالث. ويعتمد المؤلف. على منهج التحليل الطبقي للتمييز بين الماركسية وهذه المدارس الثلاثة.

يبدأ المؤلف بشرح الأساس الطبقي للماركسية، ويوضح أنها لم تكن مجرد نظرية فكرية أنتجها ماركس وإنجلز، بل بلورة للخبرات النضالية للطبقة العاملة والإمكانيات الاجتماعية والسياسية التي طرحتها تلك الخبرات. وينتقل بعد ذلك لإثبات أن الطابع الطبقي للماركسية لا يتناقض مع كونها نظرية علمية شاملة قادرة على تفسير العالم الاجتماعى وتطوره التاريخي. ويصل الكاتب إلى استنتاج أن الماركسية لا يمكن الفصل فيها بين النظرية والممارسة وأنها بالفعل نظرية ثورة الطبقة العاملة العالمية.

ينتقل المؤلف في الجزء الثاني من الكراس إلى تحليل التشوهات التي طرأت على تلك النظرية الثورية على يد الكاوتسكية في أوروبا والستالينية في روسيا وحركات التحرر الوطني في العالم الثالث. ويشرح كيف كانت الكاوتسكية تعبيراً عن البيروقراطية النقابية، والتي أصبح لها مصالح تتناقض مع مشروع الثورة العمالية، وكيف لعبت دوراً توفيقياً بين العمال والرأسمالية. ويصف بعد ذلك.. كيف تحولت الماركسية في روسيا على يد ستالين الى تعبير عن المصالح القومية للبيروقراطية الحزبية التي استولت على الحكم في روسيا، بعد تفكك حكم الطبقة العاملة بفعل الحصار والحرب الأهلية وفشل إنتشار الثورة في أوروبا بعد هزيمة الثورة الألمانية.

أما في الجزء الخاص بالعالم الثالث فيطرح المؤلف أن الحركات التي استولت على الحكم في بلدان مثل الصين وكوبا لم تكن ماركسية فهي حركات قادتها قطاعات من مثقفي البرجوازية الصغيرة واعتمدت بالأساس على قواعد فلاحية وحرب عصابات ريفية ورغم أنها حركات تحرر وطني ناضلت ضد الإمبريالية والاستعمار فيجب ألا نخلط بينها وبين الماركسية الثورية.

 

الرد والمناقشة

لكن السؤال الذي يفرض نفسه ونحن نناقش هذا الرأي هو : من يملك الحق والشرعية ليقول بأن هذا التراث ماركسي أم لا ؟ لو سألنا ستالينيا لكان له رأي مغاير ومختلف تماما بل ومناقض ربما لما ذهب إليه جون مولينو الذي يبدو تروتسكي الهوى... وهذا يطرح سؤالا آخر جوهريا يتصل بعلاقة الوعي بالواقع وأيهما يحدد الآخر وهو: اذا كانت ظروف العيش هي التي تحدد الوعي كما أشار إليه ماركس، واذا اقررنا تبعاً لذلك بأن ظروف العيش المتشابهة التي عاشها الماركسيون هي التي جعلتهم يحملون وعيا متشابها جوهره الايمان بضرورة انجاز ثورة عمالية تقضي على الراسمالية وتؤسس للاشتراكية، مالذي جعل هؤلاء الماركسيين ينقلبون بعد 1917 على بعضهم البعض، ويدخلون في دوامة من العداوات والاتهامات المتبادلة بالانحراف عن الماركسية الصحيحة؟ ما الذي جعل لينين وتروتسكي والحزب الذي يمثلهما(البلشفيك)لا يحصل في انتخابات المجلس التأسيسي الذي عقب الثورة البلشفية الا على نسبة 25% من جملة أعضاء المجلس التأسيسي، وهو ما جعل لينين يرفض نتيجة الانتخابات، ويقوم بحل المجلس التأسيسي، ويمنع حرية الصحافة، ويستبعد ويعتقل المعارضين، ونعرف بعد ذلك العداوة الستالينية التروتسكية ونفي ستالين لتروتسكي الى صحراء سيبيريا، ثم خارج الاتحاد السفياتي واغتياله سنة 1940، واغتيال أبنه وذلك بتسميمه وهو يعالج في احدى المستشفيات الفرنسية... وبالتأكيد فإن أنصار التروتسكية قد تعرضوا لنفس المصير..

وفي مجتمعاتنا العربية: ما هو سبب تعدد الأحزاب اليسارية في نفس المجتمع؟ فإذا كانت ظروف العيش هي التي تحدد الوعي، فما الذي يجعل وعي من يزعمون أنهم ماركسيين مختلفا؟  ألا يعد تعدد رؤاهم السياسية مظهرا لاختلاف وعيهم؟  إنه لا يكفي أن يكون لهؤلاء وعي مشترك بضرورة الانتصار لقضايا العمال، بل يجب أن يشمل وعيهم تقديم مقترحات متقاربة تتصل بالسياسات الواجب اتخاذها لتغيير أوضاع الطبقة العمالية نحو الأفضل..فوجود اختلافات جوهرية بهذا الصدد، ودخول الماركسيين في صراعات سياسية خلال المناسبات الانتخابية، وتبادل تهم التخوين والانحراف عن الماركسية الحقيقية، يؤكد أن وعي الماركسيين ليس واحدا، وأن هناك حسابات متعددة تتدخل في بناء المواقف والرؤى السياسية، من أبرزها السعي وراء التموقع السياسي، والظفر بالمراكز القيادية، وازاحة المنافسين السياسيين، والاستحواذ على ما يمكن أن توفره السلطة من مصالح وامتيازات، وقد يصل الامر الى حد اغتيال المنافسين السياسيين، وما حصل من صراعات دموية بين ستالين وتروتسكي، ليس سوى مثالا أو نموذجا لسيطرة المصالح الحزبية والذاتية الضيقة وتغليبها على مصالح الطبقة العمالية التي لم تكن شيئا آخر غير وسيلة للوصول إلى السلطة. 

الامضاء: د. خليفة عدالات، تونس

Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article